إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 19 فبراير 2012

االجزء الثاني من فئة ظلمها الوطن

بماذا تريدون ان يذكرنا هؤلاء
الجزء الثاني من فئة ظلمها الوطن
تحركت السيارة حاملة جثمان  الجندي احمد بينما وقف رفاقه يؤدون له تحية الوداع


واخذت العربة تنهب الطريق وهي تبتعد رويدا رويدا مخلفة خلفها غبار اثارته اطاراتها


فالطريق لم يكن معبد و كان يمتد متعرجا الي ان يبتلعه الافق .

ارتفعت الشمس قليلا وكانت ترسل باشعة حزينة كانها تشارك الجميع الحزن الذي خيم


علي المكان .

تهالك الجنود علي المقاعد المتناثرة هنا وهناك ونظراتهم تتابع العربة الجنائزية  وهي


تتابع طريقها عبر الدرب المتعرج وخيم الصمت علي الجميع ولف المكان السكون فقد


كانوا مرهقين نتيجة للبرد والحزن والسهر .

اختفت العربه خلف الافق بينما الجميع لم يستفق من هول الصدمه .

دب الدف قليلا في اوصالهم بعد ان زحفت الخيوط الذهبية عل بقايا ليلة شديدة البروده


كان رفيقهم احمد احد ضحاياها وجاء صوت المتكنتي  وهو يحاول اخفاء نبرة  الحزن


...ماتبوش تديرو غدا ...الدنيا مايدوم فيها شي...كانت نبرات الحزن واضحة في صوته رغم محاولته اخفاؤها وفوق خده كانت دمعة حزن تاخذ طريقها الي الارض اشاح بوجهه ورفع يده ليمسحها وترددت حشرجة حزن في حلقه سيطر عليها بالصمت فقد كان عليه ان يكون قويا امام البقيه خاصة وانه قائدهم وعلي القائد ان يكون قوي أمام مرؤوسيه .
ساد صمت قصير كأنه دهر ليقوم اثنان من الجنود ويدلفا الي الداخل وفي صمت أخذا يجهزان الوجبة الوحيدة المتوفرة من الارز لديهم منذ ان تم وضعهم في هذا المكان قبل حوالي العشرة ايام.
استمر البقية في أماكنهم وقد حطم الصمت احدهم ...أين هاتف احمد..قصدي هل عندكم


رقم احد أقاربه...ربما نجد رقم في هاتفه ..سأبحث عنه وهرول الي الداخل باحثا عن


الهاتف وعاد به ...اللعنه البطاريه فاضيه ..أين جهاز الشحن يا سعيد ...لم يجبه احد عاد


الي الداخل واحضر جهاز الشحن ...لاحول ولاقوة الا بالله لقد نسيت ان التيار الكهربائي


مقطوعه منذ يومين ...كان عبود يخاطب نفسه...  نسيت ان أخبركم ان عبود ليس اسمه


الحقيقي ولكنه لقب أطلقه عليه زملاؤه لكثرة ترديده لكلمة عبود

لقد تذكرت انني سجلت رقم شقيق احمد الصغير عندما زرت احمد  اثناء الاجازة السنة


الماضيه ربما يكون مازال موجود...هكذا جاء صوت سعيد

الذي قفز باحثا عن هاتفه ليجد ا ن به شرطة شحن لاباس نستطيع اجراء مكالمه اذا


كانت الشبكه غير مشغوله ...الحمدلله وجدت الرقم .....
092
لا أجابه الشبكه مشغوله اعاد المحاوله... الرقم المطلوب خارج... التغطيه الرقم


المطلوب.. مقفل ...كذب   كذب...عبود حاول ياسعيد مرة اخري اصعد الي السطح ربما


تجد تغطيه وصعد الي الاعلي وطلب الرقم من جديد وبعد عدة محاولات...يضبح الحمد


لله ...الو ...الو نسمع  فيك ضعيف ...اسمع يسلم عليكم احمد وايقوللكم ماتنشغلوش عني


ممكن نروح الاسبوع الجاي ...عبود مستغربا ماذا فعلت ياسعيد!!!! لم استطيع أبلاغهم


نعم لم استطيع يا عبود نقل الخبر... صدقني أصعب شي في هالدنيا نقل خبر الوفاة ؟؟!!! صه ...هل تسمع... صوت رماية ...؟؟



هبطا من السطح فطلب المتكنتي ان يحضر احدهم البنادق فصوت الرصاص اخذ يقترب


...احضر عبود البنادق قائلا بندقية احمد ليتنا سلمناها للضابط كانت البندقيه في يده نزع


المخزن للتفتيش عليها وكانت المفاجأة المخزن فارغ عدا طلقتين ... ..يا جماعه احد


منكم اخذ ذخيرة احمد وأجاب الجميع باستغراب بالنفي.. ولكن المخزن فارغ به طلقتين فقط
نجن لم نقم بالرمايه وكل منا استلم 30 اطلاقه اين وضع احمد ذخيرته رسمت علامات الاستفهام نفسها أمام هذا التساؤل واللغز المحير ؟؟؟؟؟!!!



وياتي صوت من الداخل ليطغي علي التساؤل الغذاء جاهز ياجماعه...الغذا واتي اللي


بيتغدي ...ويقفز الجميع من أماكنهم فقد أصبح الحكم للبطون الخاويه وفي هدو غير


معهود وصمت تناولوا غذاؤهم وكل منهم يفكر قد تكون أخر وجبة لهم معا!!!



لقد نسيت عليكم بتجهيز أمتعتكم ومعداتكم فقد ابلغني الضابط انه سيرسل لنا سيارة مساء


اليوم للعودة الي المعسكر هناك إعادة توزيع .....هكذا جاء صوت المتكنتي

اخذ الجميع في تجميع حاجياتهم وتجهيز معداتهم وأسلحتهم استعداد للعودة للمعسكر في


انتظار السيارة وقاموا بجمع مهمات زميلهم احمد  التي كان من بينها بطانيات وبندقية


الكلاشن بدون ذخيرة وهاتفه وصورة لوالدته وشقيقه الأصغر ورساله من خطيبته وبعض القصاصات التي كتبها بخط يده والتي يعبر فيها عن أماله وطموحاته  وأمانيه البسيطه فقد كان يهوي الكتابة ..
كان عبود قد سبق الجميع الي خارج المبني عندما صاح هناك سيارة قادمه ...هناك سيارة قادمه....
خرجوا يحملون أمتعتهم ووقفوا في انتظار وصول السيارة  التي ستعيدهم الي المعسكر
ولم تمضي ألا برهة حتي توقف السائق أمام المبني وترجل من السيارة  كان يبدو عليه الإجهاد والإعياء وملامح التعب والسهر بادية علي محياه فبادره سعيد ...تقول ليك سنه ما نمتش ...رد قائلا نعم لم انم منذ يومين فقد كنا ننقل الاسلحه والذخيرة ولاننام ألا ساعتين فقط ...
لم يسال احد عن المكان الذي تنقل إليه الاسلحه والذخيرة فقد كان أهم ما يشغل تفكيرهم


هو مصير جثمان احمد وهل علمت أسرته بموته ام لا

جلسوا فوق المهمات في السيارة عدا المتكنتي فقد ركب الي جانب السائق وانطلقت


العربة مغادرة المكان الذي تركوا فيه روح زميلهم احمد وفقدوا فيه احد و أول رفاقهم


واغرورقة أعين الجميع وهم يبتعدون عن المبني وروح احمد وطيف خياله يحاول


اللحاق بهم صائحا لاتتركوني وحدي يارفاق....لاتتركوني وحدي يارفاق.... لاتتركوني


وحدي يارفاق...اريد العودة معكم ...أريد أن أرى أمي ...ووالدي ...وأخي الصغير 


أرجوكم  ...وكان سعيد كأنه يرى تلك الروح ويسمع صوتها فاخذ يردد... لن نتركك يا


احمد ...لن نتركك يا احمد...سنعود قريبا ...سنلتقي من جديد يا احمد ...غدا


سننتصر...وتزهر الورود يا احمد...وتورق الأشجار من جديد ...سنلتقي الأحباب يا


احمد...غدا يا احمد سنحتفل بنصرنا معا ...غدا ترفرف السعادة وتنتهي الأحزان


...وتلتقي الأصحاب والخلان ...غدا يا اح...ولم يستطع أكمال العبارة فقد غمرته نوبة


بكاء فأجهش بصوت عالي...لفت ما يحصل نظر بقية رفاقه وجعلهم يتركون العنان



للمآقي لتجود وتذرف دمعا مدرارا في صمت وهم في ساعة ضعف ما كانوا يتوقعون ان


يجدوا أنفسهم فيها يوما ما فهاهم في أول مهمة لهم يفقدون احد رفاقهم... ما اقسي هذه


الحياة ...هذا احمد يرحل عنهم الي العالم المجهول في رحلة أبدية ...مالهذه الحياة تبدو


قاسية كبحر متلاطم الأمواج يغرق فيها الجميع حتي من يجيد السباحه ...وساد سكون


وصمت رهيب ولم يعد يسمع ألا صرير دواليب العربه وهدير محركها مزمجرا  في


رتابة يقطع صمت الحزن  وكأنه يتحدي مسافة الطريق

للقصة بقية
يتسالون عن مصير الوطن ومستقبلهم