إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 20 مارس 2015

حكاوي بنينه الجزء الثاني




حكاوي " بنينه" ( 5)
الصباح رباح " تجهيز العيادة"
   التحقت بالعيادة الطبية صباحا بعد ان استيقظت باكرا، فهي تقع ملاصقة لسكنى " الكبانية" مجموعة المخابرة واصدقاء " بنينه"، بالرغم من نومي المتأخر وفي مخيلتي انها مجهزة ومنظمة، وبالتاكيد فيها ممرض او اثنين، لأجد انه لا يوجد بها احد. لا وجود للممرضين والادوية في " كراتين" والدواليب شبه فارغة يغطيها التراب...... احسست بشيء من الاحباط مصحوب بإمتعاض من هذه الحالة المزرية والبائسة لعيادة من المفترض انها تقدم خدمات طوارئ ورعاية صحية لما يقرب الألفين وخمسمائة من جنود وضباط الجيش الليبي، خصوصا وهم في حالة اشتباك وحرب، التي كانت في ذروتها بعد هزيمة " وادي الدوم".
   جلست على الكرسي وبدات اجول بنظري متفحصا كل أركان العيادة، وكيف ليّ ان اعمل في مثل هذه الظروف. تخيلت نفسي في مستشفي الهواري او الجلاء، وبالذات قسم الإسعاف والصيدلية، لعلي اجد ما يساعدني للقيام بالعمل، استصعبت المهمة وظهر عليّ ما يشبه العجز......
   وانا على هذه الحالة من التردد والاحباط، دخل العيادة " بنينه" بابتسامة واسعة وقليل من الضحك، رافعا يده اليمنى على طريقة التحية العسكرية .. " صباحك بالخير يا دكتور"...
   أوامر .. " انا التمرجي امتاعك"، وأردف بلكي المرة الجاية نديروها " هنّكي"...
طبعا فهمت ما يقصده ....... مصر!!!
   نجح في إخراجي من حالة التردد التي كنت فيها، ووقفت من على الكرسي بعد ان رددت عليه " التصبيحة" واقتربت منه،.. عندها شعرت وكأنني اعرفه منذ زمن طويل ......
   وقبل ان أشاركه فيما يجول بخاطري لتنظيم العيادة ، أعلن انه يجب عليّ ان اذهب للفطور مع " الكبانية" وبعدها سيقوم هو أصحابه بأعمال التنظيف في العيادة، مؤكدا على ذلك " بعليّ الطلاق الدكتور ما يمسك المكنسة" .... عيب يا رَآه، ما تنكتبش علينا!!
زال هذا التصرف من احترامي له، وشعرت بالقرب منه اكثر فاكثر، لما يبدو عليه من مظاهر الصدق والعفوية في الكلام،... مع ان شكوكي لم تزول تماماً من انه يتجسس عليّ.
   تفاجئت بالفطور، تن وطحينة ومربى وخبز ساخن مع زيت زيتون، فقد كنت أتوقع اقل من ذلك بكثير. أكد " بنينه" للجميع انه هو " التمرجي" او الممرض الجديد ولا احد يقرب من الدكتور الا عن طريقه... وأجابني عندما سئلت عن الممرض أصحابه انه " عفس" اي ذهب ولم يعد، فظاهرة الهروب لي الجيش من الحرب أصبحت شائعة خصوصا بعد " وادي الدوم".
   بدأت اعمال النظافة بعد آلافطار، وكلما هممت بالمشاركة كانوا يرفضون بشدة، وكلهم يصرون على انه لا يليق بالدكتور ان يقوم بهذا العمل ؟!!.... الله الله على تلك الأيام!
كل ما زادوا في احترامهم وتقديرهم ليّ، كلما ازدادت محبتي لهم ومشاركتي اياهم في كل شيء... لم تستغرق اعمال التنظيف التي شاركتهم فيها بالرغم من رفضهم، اكثر من ساعتين، لنبدأ بعدها في وضع الأدوية على الأرفف وما ان حان وقت الغداء " البكبوكي" هذه المرة، حتى كانت العيادة جاهزة للعمل من جديد ...
بعد الغداء، أعلن " بنينه" ان العيادة ستبدا في العمل عند الساعة الرابعة، وان العقيد الركن خليفة " الكنقرس"، آمر القاعدة سيكون اول الحاضرين للافتتاح ....
استغربت في بداية الامر، ولكن بعدها عرفت ان العيادة هي المكان الذي يلتقي فيه الجنود والضباط الذين يحرصون على ان تكون علاقتهم بالدكتور ممتازة. فهو الوحيد الذي باستطاعته ان يوقع الاجازات المرضية التي تنقذهم من هذا المكان، ويصرف الأدوية التي تهون عليهم قساوة الجو والبعد عن الأهل.
استمر " بنينه" في توجيه اصدقائه لما يجب ان يقوموا به قبل الافتتاح، ولم يغفل عن رش الماء حول العيادة حتى يعطي " الجو" نوع من البرودة التي لا يمكن ان تُعرف قيمتها الا في الجو الصحراوي الجاف...
بعد ان رأيت العيادة نظيفة ومنظمة، نسيت ما كنت اشعر به وقت الصباح، وبدات أعد نفسي للحالات وما يمكن ان تكون عليه،... جلس " بنينه" بجواري وقال لي يا دكتور، انا بس حبيت نقولك ان الجماعة " الكبانية" حابين يبلغوك انهم حالفين " ايمين" انك لا تنظف ولا تطبخ طول ما انت معانا، واحنا كلنا خوت... شكرته، ثم أبلغته انني من اليوم انا واحد منهم على الحلو والمر، وان شاء الله لا نفارقهم ولا يفارقوني في هذا المكان... عانقني بقوة وعانقته وانا ارى عينيه اغرورقت بالدموع وكذلك عيني ... ربي يحفظنا ولا يفرقنا....
ابلغني بعدها بالبرنامج الذي أعده للافتتاح الساعة الرابعة، عندما يحضروا " القناقن"...

حكاوي " بنينه" (6)
" الكابو، والكنقرس، والكارطة"
كان " بنينه" هادئا جداً وهو يبلغني بتفاصيل اكثر عن قطعة السلاح المفقودة " بندقه" كلاشن، وما أظنه كان يدرك مدى الرعب الذي اعتراني عندما أكد ليّ انه سرق " البندقه" او حسب تعبيره أخدها " غنيمة"، وخوفي من ان اذهب ضحية، ككثيرين غيري بسبب وشاية او مجرد الاشتباه، فما بالك بالذي أصبح " التمرجي" امتاعي على قوله... في هذه البلد لا يمكن ان تعيش الا اذا ابتعدت فيه عن اي شيء فيه " القايد" او صلاة الفجر في الجامع للشباب وموضوع السلاح، وهو الأخطر!!!
تذكرت حينها ما فعلته الكتيبة الأمنية في براك الشاطئ حين جاؤوا للبحث عن السلاح، وقاموا بالقبض على شيابين كبار في السن ووكلوهم ما يأكل الطبل حتى اعترفوا بكل الأسلحة التي كانت عندهم. ومن المفارقات ان احدهم اعترف تحت التعذيب وطلب منهم ان يعطوه فرصة ليأتي بالبندقية، ولكن حظه السيء انه أتى باخرى غير قطعة السلاح التي يبحثون عنها.. مما نتج عنه وجبة شهية من التعذيب ليخرج لهم حتى السكاكين التي في مطبخ بيته.
عموما، موعد افتتاح العيادة بعد اقل من ربع الساعة، بما يعني انه لا مجال لمناقشة هذا الموضوع الآن ...أعد " بنينه" برنامج الافتتاح مع " الكبانية" وبدون تدخل مني،... اعلمني انه يتوجب عليّ ان أكون في مقدمة المستقبلين " للكنقرس"...
سائلته ومن " الكنقرس" يا ترى؟!.. فأجابني هو آمر القاعدة يا دكتور... فقلت لما لا نسميه " الكابو" ؟
رد بهمس في أذني " الا هذي .. الكابو ما تجي شورا".. نبو نخلوها ليه بروحه " يلعب فيها تسعه" ؟!!
هنا ومع اني فهمت ما يقصده تعمدت التظاهر بالغباء، وتغاضيت عن موضوع " الكابو" ...استمر في إبلاغي ببرنامج الاستقبال قائلا؛ ومع " الكنقرس" تجي باقي " الكارطة" ...
وكأني هنا ما ان إفك طلسما من طلاسم " بنينه" حتى يأتي بآخر...أَدرك قصوري عن فهم ما يقصد، فبادر بالتوضيح ان الجميع هنا لا يلبسون رتبهم العسكرية. وعليه فهم كيف " الكارطة" من الري الى الشنكه...
أظهرت امتعاضي من هذا التشبيه فقال؛ " ايوا شنكه.... كل هال العواويل الصغار اللي يدفنوا فيهم في تشاد " شنك"، لو كانهم بنادمين ما يريحوا حسيفة" ... هذا كلام قوي " خارق حارق" يا " بنينه"، هنا قال؛ "يا دكتور وانا أكبر شنكه" ... تركني لبرهة تائها في تفكيري ليتابع آخر الاستعدادات...
كثروا " التنتورا"، كثروا " التنتورا"، نبيها تفحفح في كل تركينه....لم يترك شيء للصدفة فحتى " مريول" الدكتور الأبيض أخرجه. البس يا دكتور، البس يا دكتور.. لم يترك ليّ خيار الا ان البسه باكمامه الطويلة، التي حرص على ان يثنيها لتكون أكثر لباقة ...
علقت عليه بدعابة؛ تاريتك موش ساهل يا " بنينه"، ضحك بنوع من الارتياح والتباهي، يا دكتوررررر
عرفناها من طق الطق :: قريناها من غير أقلام
....ضحكت معه، ونظرت الى الساعة التي كانت تشير الى انه لم تبقى الا دقيقتين عن موعد الافتتاح.
عند الرابعة تماماً كنا مستعدين للخروج لاستقبال " الكنقرس" ولكن " بنينه" أصر ان أبقى في الداخل ولا أخرج الا بعد وصول " الكنقرس"!!.... " كيف يا رآه انت الدكتور، موش حاجه ساهله" ... أخرج كل " الكبانية" للوقوف مصطفين بانتظام على يمين ويسار المدخل بلباسهم العسكري النظيف والمكوي باحذيتهم " المبويه"، وما ان وصلت السيارة التي تقل " الكنقرس" وبعد ان توقفت، حتى أشار عليّ بالخروج.... وتوجه لوحده في مسير عسكري ببدلة الكاكي المعكرشه واضعا الباريه على راسه معنقرا على جهة اليمين، وبطريقة جعلت كل الحاضرين ينظرون اليه، دف دف دف دف دف دف بففففففف في حركة جعلت من ساقية وكأنهما ملتحمتان وتوقف تماماً وكأنه شيء من الجماد، رافعا يده ومؤديا التحية الى سيادة " الكنقرس" الذي بدى عليه علامات الدهشة من قوة ضربات ارجل " بنينه" على الارض!!
كان في الخارج عدد كبير من الجنود، ووصل مع " الكنقرس" سيارتين فيهما خمسة عسكريين يلبسون ملابس أنيقة وبدون رتب، يبدو عليهم انهم من صنف الضباط، الا واحدا فيهم كان يرتدي رتبة مقدم. سلمت على " الكنقرس" العقيد الركن خليفة بكل حرارة، قابلها بأكثر من جانبه وقام " بنينه" بالتعريف بيننا...
بدأ باسمي الدكتور سالم مضيفا كثيراً من المدح والإطراء من عنده، على علمي وخلقي وكيف أعدت تجهيز العيادة خلال ساعات محدودة. ثم بالكنقرس" ذاكرا رتبته لا اسمه!..
دخلنا العيادة وبدت علامات الرضا والسعادة ظاهرة على سيادته ومرافقيه، وربما أضيف شيء من الذهول على وجوههم لما شاهدوه من نظافة وتنظيم. ظهرت آلأرفف مملؤة بالدواء، ورائحة المكان تعبق بروائع خليط من الدواء و " التنتورا"... عندها قمت بشيء من التعريف بأنواع الدواء الموجود وما ينقصنا ونرجو توفيره.
بعدها قمت بواجب الشكر ل " بنينه" و " الكبانية" موضحا انهم هم في الحقيقة من قام بهذا العمل كله .... استحسن " الكنقرس" كلامي والإطراء الذي خصصته " للكبانية" و " بنينه" طبعا.
طغى على الحضور شعور بالارتياح والسعادة لمحته في أعينهم، خصوصا " الكنقرس" ومرافقيه. .. عندها ترجل سيادته كلمة شكر فيها الجميع، وبدأ في التعريف بمرافقيه بأسمائهم ورتبهم، و " بنينه" الذي بجانبي يترجم الرتب بهمس خفي أليٌ، مقدم " ري"، رائد " مجيرا"، نقيب " كاوال"، الا مقدم واحد حين ترجمها بي " ١١٠٠٠ فولت" ضغط عالي يا راه...
وزيادة في التعبير عن رضا " الكنقرس" أعلن انه سوف يخصص سيارة تويوتا كروزر " أصفار" خاصة بالدكتور والكبانية الذين كانوا في الاستقبال، وأنهم من ذاك اليوم يتبعوا العيادة وإنني أستطيع ان ادخل عليه في أي وقت بدون استئذان من احد !!....
لاقت هذه القرارات الارتجالية استحسان الجميع، خصوصا " الكبانية" الذين أصبحوا بعدها مدنيين في قاعدة عسكرية... هنا أشار " بنينه" اليهم بالبدء في توزيع التمر وعصير الكمثرى من " الغنيمة" مع فطائر أعدها على الزائرين.
كان هذا التصرف خاتمة خير للافتتاح، حين أمر " الكنقرس" قبل خروجه أن الدكتور والعبادة هم أول من يستلم التموين ومباشرة من المخازن بدون رقيب...
هنا نظر اليّ " بنينه" على جنب مع غمزة خفيفة وبصوت منخفض " بحبحت يا دكتور"....

حكاوي " بنينه" ( 7)
" هال العبد يا تقتلوه يا يقتلكم" !!
انتهى اليوم الاول في " السارة" في تنظيف وتجهيز العيادة، ثم الافتتاح الذي تلاه حضور عدد كبير من الجنود للعيادة من باب الزيارة والاطلاع او الفضول " تقصقيص"، وكل واحد منهم يدخل ويتأمل في المكان والارفف وربما يشتم رائحة " التنتورا" التي تذكرهم بالمستشفيات في ليبيا. لم أكن في وضع نفسي لمباشرة العمل المهني ذلك اليوم بعد السفر والتنظيف والترتيب والاحتفال،... وما خفف عليّ الامر ان " بنينه" قرر ان العيادة مفتوحة للزيارة فقط اما المراجعات الطبية فتبدأ من يوم الغد....
لا أبالغ اذا قلت ان من أتوا يبلغوا المئات، ربما حدث ذلك لسببين، أولهما انه الشيء الوحيد الذي تغير في الروتين الذي اعتادوا عليه لمدة أسابيع وشهور، والثاني ان الخبر ينتشر كانتشار النار في الهشيم، وما ان يسمعه احدهم حتى يمرر الخبر للذي يليه،... أظن ان ذلك أيضاً ربما كان ناتجا عن عمل من وراء الكواليس يقوم به " بنينه"، حيث رايته يوشوش الى بعض الزوار مع حركة يديه التي تدل على انه يطلب منهم ان يبلغوا الجميع " الحاضر يبلغ الغايب"...
المهم، ان الجميع مبسوطين وفرصة حتى يتلاقون و يشاركون بعضهم في الهموم والطموحات، والتي أدركت ان اغلبها متى تنتهي مصيبة " حرب تشاد"!!
ما ان رأي علامات النوم على عيوني وانا افتح فمي وأغلقه من التثاؤب، حتى نهض " بنينه" و بصوت عالي تكلم مع الحضور،.. مشكورين مشكورين، هي هي يا جماعة الدكتور تعبان وهو من الصبح واقف على " أكرعيه"،.. غدوه الصبح نفتحوا ان شاء الله ..... وخرج الجميع ذاهبون الى مقراتهم، ولم يبقى الا " بنينه" و " الكبانية"....
شكرتهم على عملهم الشاق وذهبت الى غرفتي للنوم..
ما ان استلقيت على الفراش وهو عبارة عن قطع من الخشب وضعت على ستة " بلوكات" ثلاث من كل جانب، وضع عليها متراس ومخدة وملاية وبطانية " حرشة" من النوع الذي ينتشر في معسكرات الجيش، تذكرت غرفتي التي تركتها في بنغازي مكيفة، مع سرير محترم وبطانية النمر والملايات ذات الملمس الحريري،.. أيه يا دنيا سبحان مغير الأحوال....
.......
رجعت بيّ الذاكرة أكثر من اثني عشر عاما الى سنة ١٩٧٥ ميلادية، حين كنت طالبا في المدرسة الإعدادية في مدينة سبها. هناك سمعت اول مرة أي شيء عن تشاد. نعم تذكرت ما ذكره ليّ صديقي في الفصل " نوري" حين اخبرني ان قريبه عسكري نقيب في الجيش ( كاوال على رأي " بنينه") اختطفوه التشاديين واعتقلوه، طالبين فدية من الحكومة الليبية؟!..
اذكر اسمه حتى اليوم النقيب الهادي ومعه اثنى عشر من عساكر الجيش الليبي، كانوا عند نقطة حدودية ناحية جبال تبستي، هجمت عليهم عصابة تشادية يقودها شخص اسمه " حسين هبري"؟!!
استمر اعتقالهم لفترة، وهم يطالبون بدعمهم بالمال والسلاح وغيرها من الحكومة الليبية. كما علمت حينها ان نظام الحكم في تشاد يرأسه مسيحي اسمه " تمبلباي وآخر بعده اسمه فيليكس مالوم يحاربون الاسلام والمسلمين، وان ليبيا تدعم في فصائل متمردة يقودها " حسين هبري"... الا ان هبري انقلب على الليبيين حين نقص عنه الدعم والتموين....
تتبعت القصة عبر صديقي " نوري" حتى اعلم مصير قريبه، وبعد عدة شهور ابلغني ان عسكري ليبي اسمه " بوكر" ذهب للتفاوض مع " حسين هبري" وبعد الموافقة على تلبية مطالب " هبري" أوصى الحكومة الليبية او ما كان يرمز له " القيادة" بما يجب عليهم ان يفعلوه.....
مختصر نصيحته هو " هال العبد يا تقتلوه يا يقتلكم" ؟!..
منذ ذلك التاريخ او في الحقيقة قبله، تعقدت المشكلة وتورطت ليبيا فيها بشكل اكبر فأكبر، من ذلك الحدث، بالاستمرار في تدعيم الفصائل الثائرة على نظام الحكم في إنجامينا عاصمة تشاد، ماليا وعسكريا وكل ما يلزم.
سنة بعد سنة تفاقمت الأمور، حتى وصلت الى التدخل المباشر في سنة ١٩٧٨ ميلادية، حين دخلت كتائب من الجيش الليبي الى الاراضي التشادية. واستمرت السبحة على الجرار الى ان وصلنا الى ما نحن عليه الآن وانا انظر الى سقف الغرفة في منطقة نائية على الحدود الليبية التشادية وفي موقع فيه الكثير من جنود الجيش الليبي الذي هزمه التشاديين في معركة " وادي الدوم الشهيرة".
تلك الليلة تذكرت اثنين، " علي" أبن قريتي الذي فقد ذراعه في بداية حرب تشاد، وهو شاهد عليها الى هذا اليوم، وصديقي الدكتور " عبدالسلام" الذي تخرج قبلي بدفعتين وقُتل في معركة " وادي الدوم". لبرهة تخيلت انني احدهما، اما ان تعيش معاق ما حييت او مقتولاً بدون حتى قبر يشهد على ذلك!!
لم أكن خائفا، ولكن بكيت تلك الليلة على " عبدالسلام" الذي فقد حياته في قضية لا أدرك أسبابها ولا مآلاتها، ولكن اكثر ما أحزنني هو انه مات بدون حتى اعتراف من الدولة التي ارسلة ليكون من ضمن جيشها الذي يحارب من اجلها؟!!..
آه لو استمعوا الى نصيحة " بوكر" ربما كان " عبدالسلام" لا يزال حيا؟ حاولت ان أنام ولكن بالرغم من التعب قضيت وقتاً طويلا أتخيل " عبدالسلام" وهو يعمل في مستشفى غريان، كيف حال أمه، هل عندها ابناء غيره، وووووو...... غرقت في النوم حتى الصباح...

حكاوي " بنينه" (8)
" تعرف في النفسية يا دكتور" !
..... الصلاة خير من النوم،.... الصلاة خير من النوم،....الله اكبر،.. الله اكبر،.... لا اله الا الله.
صحوت على وقع كلمة " الله اكبر" في أذني لآذان الفجر، وكان لها تأثير ومفعول سحري لا تستطيع الكلمات ان توفيه حقه من الوصف، ففي هدوء كامل يصحبه سكون تنزل هذه الكلمات كالبلسم على الروح، تنبئوها بإنبلاج يوم جديد. وكان كذلك بكل المعاني بالنسبة ليّ فهو اول يوم عمل في العيادة، واول مرة اعمل فيها في " طب" من هذا النوع " إسعاف، طوارئ، صحة عامة" بدون أي تدريب او حتى دورة تأهيلية في هذا الاختصاص...
نسمة الجو وقت الفجر لها طعم مميز في الصحراء، فالهواء نقي وله عبق تصحبه برودة يفقدها كل من يضيعها في النوم، حيث انها لا تستمر الا اقل من الساعة ليتغير الجو الى الحر وبعد ساعات الى قيظ حار.
ذهبت الى الجامع الذي كان قريبا من مقر العيادة ولا يبعد الا ما يقرب المئة متر، هناك كان عدد المصلين ثلاثة وثلاثين مصليا احصيتهم، لفرحي ان اجد من يقيم الصلاة في ذلك المكان، وخصوصا " صلاة الفجر" !
أتذكر " العدد" بعد هذه السنين، لأنني تباركت به، فنحن نسبح ونكبر ونحمد الله ثلاث وثلاثين......
تناولت الإفطار مع " الكبانية" وكلهم يتطلعون الى بداية العمل في العيادة، فهم أصبحوا مدنيون، ذلك ما ساعد على ظهور العيادة وكانها تعمل بطاقم كامل. بالطبع لم تكن عندهم خبرة التمريض او عمل العيادات، ولكن " بنينه" استطاع ان يوزعهم في ادوار مختلفة من الاستقبال والتنظيف، واختار ربما اشطر اثنين ليكونوا ممرضين...
مع الثامنة فتحت العيادة، ودخل اول مريض:
السلام عليكم،... عليكم السلام،.... صباح الخير يا دكتور،... صباح النور .. تفضل!
ايش اسمك؟ ... امراجع،.. اجلس يا امراجع.
جلس على الكرسي، و نظر اليّ بتمعن ثم سألني؛ انت تفهم في النفسية يا دكتور؟!!
الحقيقة من كل الاحتمالات التي توقعتها، لم يكن هذا احدها، وعليه شعرت انه أخدني على حين غرة، واسقط في يدي،.. ماذا اجيبه؟!..... على عجل لابد ان اجيبه، فهو لا زال يحدق في بنظرة حادة.....
على تلكؤ أجبت،... والله الحقيقة انا لست طبيب نفسية، لكن ممك.......قاطعني؛ " ما فيش فائدة منك؟! وخرج على عجل بدون حتى التفاته الى الوراء......
يا والله بخت،.. هذا اول واحد... كيف سيكون الحال في المساء؟! حدثت نفسي في السر، مصطنعا رباطة الجأش امام الممرضين، وفي شيء من التلعثم قلت لهم أكيد سيرجع،... أين المريض التالي؟..
تحسن الوضع، بدخول ما كنت أتوقع من حالات، صداع، حرقان بول، بواسير، الم في البطن، أرق في النوم، الآلام الظهر،... وهلم جرا..
استمر الوضع في تحسن وانا أراقب ردود الفعل في عيون الممرضين، فلا شك انهم على دراية بما يقول هولاء المرضى حين يخرجون من العيادة، وبالطبع هم أنفسهم كانوا يتعاملون مع الأطباء والعيادة الطبية من قبل...
" بنينه" كعادته لا يغفل عن دقائق الأمور، ويبدو انه تتبع المريض الاول بعد خروجه من العيادة، وتأكد من انه ذهب الى مكتب الأمن في القاعدة، بقي داخله لمدة نصف ساعة ثم خرج على عجل وفي حالة اضطراب...
.....
انتابني شيء من الخوف،.. هل قال لهم انني أصبحت مع " بنينه" الذي يتبعونه وطلبوا منه الحضور الى " السارة"؟!.. الامر محير، كلمتن وقص، وبعدين " لا كلمة لا سلمة" وذهب الى مكتب الأمن.... ربي يجي العواقب سليمة.
وقت الراحة والغداء كان الموعد لمراجعة ما حدث بالفترة الصباحية، ووجدت الجميع راضين وفرحين بما تم عمله، ولسخونة الجو ظهرت علامات الكسل والرغبة في النوم على اغلب المجموعة، ولم تمضي لحظات الا وأغلبهم اصبح يغط في نوم القيلولة العميق..... اما انا فمن أين ليّ بالنوم ولا زلت أفكر في المريض الاول، وأحاول ان اقنع نفسي انه "غير طبيعي"، اذ كان تصرفه فيه شبه إهانة ليٌ او ربما أكثر ملائمة وجدني " غير ذو كفاءة"..
خروج المريض بهذه الطريقة يزعج أي طبيب، وهي قليلة الحدوث في العادة!!! .... ربما هو " الخوف" منه وما عمله في مكتب الأمن....... ربي يستر.
بدأت الفترة المسائية بسلاسة هذه المرة، والمرضى يتتابعون في الدخول وإشارات الرضا تبدو على وجوههم، ما كانوا يجهلونه انني لا زلت متأثرا بما جرى هذا الصباح، وشعوري بالفشل في التوصل الى ما كان يحتاجه مريض وقف أمامي في العيادة..... ومع مرور الوقت نسيت الامر وانغمست تماماً في عملي حتى نهاية وقت العيادة، الذي قرر " بنينه" ان يكون الساعة الثامنة مساءً.
ما ان جلس الجميع لتناول العشاء ووضعت " سواني" المبكبكه ودخلت " الكواشيك" تغترف الخرز، حتى بدأنا نسمع صوت عالي لسيارت يبدو انها تقترب من مكاننا، وبعد برهة تعالت الأصوات.... وين الدكتور... وين الدكتور ؟!!...
حذفت " الكاشيك" وخرجت للعيادة ولحق بي باقي المجموعة، لنجدهم ينزلون عسكري من التويوتا، وهو ينزف بغزارة وملابسه مغطاة بالدماء....بسرعة وضعوه على سرير الفحص وأفسحوا المجال حتى أبدا في عملي، ... وما ان وقعت عيناي عليه حتى عرفت انه هو نفسك، المريض الاول " امراجع" الذي كان اول مريض في العيادة هذا الصباح؟!!
في اضطراب شديد وتسارع في نبضات قلبي وقلبه بدأت في الإسعافات الأولية بربط الرجل اليسرى التي أصابها عيار ناري على القدم... غرست في عروق ذراعه إبرة كبيرة للسوائل، ثم حقنة لتسكين الألم وبعدها اتجهت الى فحص الرجل ودرجة الإصابة....
وانا منهمك في عملي وبعد ان استقرت حالته قليلا، دخل اثنين لا أعرفهم الى العيادة وطلبوا ان يتحدثوا معه، لم أمانع في البداية حيث ظننت انهم من أصدقائه ويودون الاطمئنان عليه.... لكن حين سمعت السؤال تفاجئت؟!!...
انت ما تحب الثورة، ودخلت الجيش غصبا عنك؟!!... اعترف.. اعترف... انت ما تحب " القايد"....
هنا علا صراخه، انا ما عندي مشكله مع حد، لا الثورة ولا " القايد"، مشكلتي مع آمر الكتيبة الرائد " مسعود"، هو يعذب فيا ويخليني في الشمس.... جماعته ضربوني " فلقة" .... ما عنديش مشكلة مع الثورة، ما عنديش مشكلة مع " القايد"....
من هول ما سمعت، وما استغرق لحظات حتى أدرك " الملعوب"، تأخرت قليلا في التدخل، ولكن ما ان شككت في نيتهم حتى تدخلت وطلبت منهم الخروج فورا... وعندما شاهدتهم يكتبون شيء في ورقة ويطلبون منه توقيعه، فقدت صبري .... واتجهت اليهم ممسكا بذراع احدهم... اطلع برا.... اطلع برا.... ارتفع صوتي ... ومع تلكؤهم .. وجدت ان ليس من بد الا بدفعهم بقوة الى خارج العيادة وأنتزعت الورقة التي يكتبون عليها .. ممزقا لها قطع صغيرة!
خرجت عن طوعي، وكنت في حالة من الحمق والغضب لا أظن انني مررت بها من قبل، يريدون تزوير أقواله امام عيني؟!..
دخل " بنينه" حتى يهدئني، والجميع واقفون في صمت....
بعد عدة دقائق عدت الى المريض المصاب، الذي بدا اكثر حنوا مما رايته عليه في الصباح...... وقال؛
يا دكتور... انا جئتك في الصبح، لأنني كنت في حالة نفسية صعبه، وعندما لم تتعرف على مرضي خرجت وذهبت الى مكتب الأمن وشَكوت اليهم من الرائد " مسعود" الذي كان يعذبني كل يوم بالفلقة والضرب ثم ينزعون ملابسي ويوقفونني في الشمس عدة ساعات،.... ليش.. ليش ..؟!
سألته لماذا؟!
لانه يريدني ان أطبخ له و أعد القهوة،... لا لا انا عسكري موش طباخ!!
والآن يريدون ان يلبسوني تهمة يعرفون انها ترفعني للسجن، ولا احد يستطيع ان يسال عني بعدها.. شوف " كفرهم" يا دكتور...
انا قلت لهم في مكتب الأمن هذا الصباح، اذا ما عملتوا شيء، سوف اعمل حاجة فيكم وإلا في روحي...
بعد المغرب فقدت أعصابي ولم اجد شجاعة لاقتل الرائد " مسعود" فقررت ان ارفع سلاحي " كلاشن" ووجهتها الى رجلي اليسرى، حتى افتك منهم ومن ووجوهم ؟!...
ما ان أكملت إسعافاته الأولية، واستقرت حالته حتى خرجت لأجد كبار الضباط ينتظرون في الخارج - " بنينه" منعهم من الدخول بأوامر الدكتور على قوله - فقلت لهم حالته مستقرة ويحتاج الى نقله على عجل الى مستشفي " الجلاء" في بنغازي فهو يحتاج الى جراحين العظام.
أجابني احدهم، الطيارة جاهزة تحت أمرك يا دكتور.......
رجعت الى الداخل وجلست على الكرسي............وقلت في نفسي،..
صدقت يا امراجع، انا ما نعرف شيء في "النفسية"!


حكاوي " بنينه" ( 9)
" هارب من الغولة، طايح في سلال العقول" !
أقلعت طائرة " لينتينوف" الروسية وعليها العسكري المصاب " امراجع"، ونظراً لاستقرار حالته لم اجد حاجة الى مرافته في الرحلة الى مستشفى " الجلاء" في بنغازي، ومع العشرة ليلا تقريبا حضر الى العيادة سيادة " الكنقرس" لشكر العاملين بالعيادة على ما قاموا به، ثم اخدني على ركن وبصوت منخفض اعتذر عن ما قام به رجال مكتب الأمن بدخولهم الى العيادة، ومحاولتهم كتابة محضر مزور عن الحادثة، وقال انهم اعترفوا بذلك وعللوا عملهم بالخوف مما قد يحدث لهم، لتهاونهم في أخد توسلات الجندي المصاب على محمل الجد، وأكد انهم موقوفين قيد التحقيق وسوف يلقون عقاب رادع.
بادلته الشكر والتحية وشعرت ان العلاقة بيننا أصبحت مهنية وفيها قدر من التقدير والاحترام،.. ما لم أقله له ان شعوري في ذلك الوقت، كان بأحاسيس التقصير تجاه " امراجع"، فهو قام بما عليه وأتى الى الطبيب في العيادة، ولكن الطبيب لم يكتشف مرض " امراجع"...
حظي السيء ان الكتب التي احضرتها معي تغطي تقريبا كل ما كنت أتوقعه، الا الأمراض النفسية، وعليه فلا يوجد سبيل آخر الا خلوة مع النفس هذه الليلة أراجع فيها ما درسته عن الأمراض النفسية خلال فترة التدريب الاكلينيكي في كلية الطب " جامعة العرب الطبية" بنغازي...
عدت بمخيلتي الى مستشفى " النفسية" والحالات التي درستها، وبدت تبرز على السطح واحدة بعد الاخرى، انفصام الشخصية، الاكتئاب، الخوف الرعابي، القلق، والمعتل اجتماعيا، ابحث عن اي شيء فيها كان من الممكن ان يحفظ " امراجع" مما عمله في نفسه؟!
استعرضت الأعراض وتشخيص الحالات و طرق العلاج، ولم اجد شيء منها يفيد في حالة " امراجع"، .... وانا في حيرتي،.. تذكرت " حنان"... نعم " حنان" ربما في حالتها شيء من الأمراض النفسية التي يعاني منها بعض أفراد المجتمع بسبب المجتمع ذاته،.. فما قصة " حنان" اذا؟!
بدأت قصتها وهي بنت صغيرة تربت في بيت مع والديها واخوتها، فقدت الوالد وهي صغيرة لم تبلغ العاشرة من العمر، وفي ظروف اجتماعية قاهرة اضطرت والدتها الى العمل، والغياب ساعات طويلة عن البيت كعاملة نظافة في احد المرافق بالمدينة..... ذات يوم و "حنان" في البيت لوحدها، دخل عليها الغرفة اخوها الذي يكبرها سنا بخمس سنوات وهي ذات الأثنى عشر ربيعا في ذلك الوقت. كانت حركاته غريبة وكأنه في حالة " سكر" او في عقل غير عقله، كانت " حنان" تلاحظ التغيير في تصرفات اخوها وقد أبلغت أمها بما رأته حين شهدته يبلع " حبوب" سمعت انها " بطاله" وتذهب العقل من احدى صديقاتها في المدرسة....
سمعت الام الشكوك، ولكن انشغالها وصغر عمر " حنان" جعلها تتغاضى عن ما سمعت. زادت حركات اخوها غرابة حين اقترب منها اكثر وواضعا يديه حولها، عندها بدأت في الصراخ،... ولكن لا احد في البيت ....ووقع المحضور......
كانت في حالة يرثى لها حين رجعت أمها الى البيت، ولهول ما وقع لها، وممن وقع ما استطاعت ان تقول شيء لأحد.... واستمرت في الابتعاد عن اخوها حتى كبرت،.. وحان وقت الزواج!!!
رفضت العديد ممن تقدموا لها، بدون اي سبب مقنع للآخرين، وهي تحتفظ بسرها ومأساتها، حتى أرغمت على الزواج من قبل أخيها " صاحب الفعلة النكراء".....
وفي ليلة العرس انكشف الغطاء ونالت من زوجتها " عذاب الهدهد"، لتعود مطلقة الى بيت أهلها حيث بدأت مصيبتها، وهناك وجدت الاخ يفتل " شنابه" لينقض عليها بالضرب والإهانة والحجر في غرفة مقفلة....
وبين بكائها وبكاء أمها قضت شهرين من الذل والاستحقار من الناس ومن نفسها، وهم ينعتونها بكل قبيح..
استمر اخوها في الظهور امام الناس بكل مظاهر الطهارة والعفاف، فهو الآن متزوج وعنده اولاد، وله احترام بين الناس، لم يعكره الا ما فعلته اخته..... وبعد ان ضاق بها الحال والمعاملة قررت ان تهرب، لعلها تجد من ينقذها من براثن الاخ الحقير؟!!
في غفلة منهم خرجت الى الطريق، ومع اول تاكسي أخدت طريقها، لتجد نفسها " كالهارب من الغولة الطايح في سلال العقول"، في بيت مهجور في مزرعة بعيدة لا وسيلة للحياة عندها الا سائق التاكسي المحترم في بيته وعند الناس، الا حين يغيب عن أعينهم ويذهب الى المكان المهجور... واستمر الحال من سيء الى أسواء، ومن ذئب الى آخر أشد منه شراسة ونذالة. عندها اهتدت الى " دار الرعاية" وفيها وجدت وضع افضل الى حدا ما.....
بعد سنة استعادت الثقة في نفسها، وبعد وساطة وجدت سبيل الى الزواج من جديد، وما ان تروي قصتها للزوج الجديد حتى تجد الباب مفتوح على مصراعيه الى الشارع وهكذا دواليك.... انتقلت من شرق البلاد الى غربها ومن غرب البلاد الى شرقها، وهي على ذات الحال حتى أصبحت " معتلة اجتماعيا" ولا سبيل لعلاجها....
ما فارقت قصتها مخيلتي بكل تفاصيلها، وانا ادرس حالة الظلم الاجتماعي، الذي يختبئ وراءه أناس لازالو يظهرون وكأنهم ملائكة اطهار وهم فساق وفجار!!
ربما، لو تذكرت " حنان" في تلك اللحظة التي دخل فيها " امراجع" استطعت ان أشخص حالته واحفظ رجله ربما من البتر................ربما!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق