إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 نوفمبر 2009

مجموعة أرواحنا للوطن

مجموعة أرواحنا للوطن كانت السعادة تغمر الأسرة الصغيرة حيث كان يذهب لعمله ويعود مع نهاية الدوام إلي البيت فيجد طفله الصغير وزوجته في انتظاره وبعد تناول الغذاء يقضي فترة راحة ثم يأخذ أسرته الصغيرة ويتجه الي بيت والده حيث يجد أمه في انتظاره فتستقبله معاتبة بحب قائلة تأخرت اليوم عن الحضور و تكون الإجابة التي كان يرددها منذ صغره سامحيني يا أمي فقد الهتني مشاغل الحياة فتبتسم وهي تقول مداعبة لقد كبرت يا بني وشغلتك أسرتك فيجيب وهل يستغني الإنسان عن الجنة يا أمي . أما والده فعادة يكون بالمسجد حيث دأب خلال سنواته الأخيرة علي البقاء بالمسجد بعد صلاة العصر مستغلا بقية سنوات العمر التي جاد بها الزمان عليه في العبادة ومحاولة حفظ أجزاء من القران في سباق مع الايام . يجتمع شمل الأسرة الصغيرة علي مائدة العشاء وتدور الأحاديث عن الماضي والحاضر والمستقبل في شتى الأمور الحياتية ويمر الوقت والأسرة غارقة في السمر بجانب موقد النار الذي وضع فوقه إبريق الشاي يقطع الصغير عنهم الحديث بتوجيه بعض الاسئله الغريبة والتي ليس لها إجابات في بعض الأحيان أو لفظ بعض الكلمات المضحكة فيلفت انتباه الجميع له اغلب الوقت بعد مضي الساعات الأولي من الليل يعود لبيته يحمل ابنه والي جانبه تسير رفيقة دربه التي اختارها بنفسه وهما يشعران بسعادة ترفرف عليهما وتغمرهما بالحب عاد ذات يوم وقد ارتسم علي وجهه علامات الحزن واخذ يجمع أشياؤه الشخصية من أدوات للحلاقة وملابس وأشياء مختلفة أخري فقد تم إبلاغه ان وحدته العسكرية التي يعمل بها قد تم تكليفها بمهمة وطلب منهم إحضار كل تجهيزاتهم الشخصية شعر بالحزن لأنها المرة الأولي التي لن يرى فيها ابنه لأكثر من يوم ولن يجتمع فيها مع والديه علي مائدة العشاء ولن يرى فيها ابتسامة زوجته وهي تودعه كل صباح وكان العيد علي الأبواب فهو لن يحضره مع أسرته الصغيرة ودع إفراد أسرته في صباح اليوم التالي حيث كان الجميع في وداعه بما فيهم ابنه الصغير الذي إصر علي النهوض مبكرا للاشتراك في الوداع طبع قبلة علي جبين ابنه بعد ان ضمه لصدره بقوة وغالب دمعة كانت تحاول السقوط وهو يطبع قبلة علي جبين أمه وهي تردد في الحفظ ...في الحفظ... إما والده فقد كان يجلس وهو مطرق لم ينبس ببنت شفت فقد أحس ان الزمن قد يخذله ويأخذ سنده الوحيد منه مد يده مودعا دون كلام فقد أحس ان الصمت ابلغ من الكلام فالصمت يخفي الضعف أحيانا في مثل هذه المواقف الصعبة علي الباب كانت تقف زوجته وقد تحاول إخفاء دمعة هجمت علي خديها رغما عنها فمسحتها وحاولت إخفاء أثرها بابتسامة حيث أرادت ان يكون وداعها له مختلف بحيث يبعث في نفسه الأمل في العودة قريبا وان تكون تلك الابتسامة زادا له في السفر.. كان صراعا يدور داخل عقله بين تلبية النداء والذهاب وبين اللاات التي تتردد لماذا انا وليس الآخرون وتغلب نداء الشرف والوطن والكرامة والتضحية والإيثار والفداء عن نداء التخاذل والتراجع والتواني والجبن والرهبة والتراجع فقد كان ابنه ينظر إليه هو يبتسم فقرر ان لا يقوم بعمل يجعل ابنه محط استهزاء وتندر بجبنه أراد إن لا يترك لابنه ارث من الجبن لا تمحوه الايام بقولهم له أباك جبان...أباك خائن....أباك متخاذل ....الخ...... أحس بقوة تدفعه للخروج فقد تأخر عن الموعد وحتى لايتخاذل أو يضعف خرج ملوحا بيده وبدون كلمة واتجه إلي مقر عمله حاملا معه أشياؤه الشخصية المتعارف عليها لمثل هذه المهمات . لم يطل الانتظار فقد كانت العربات جاهزة للحركة وكانت الوجهة معروفه للجميع حيث ان نشرات الإخبار إفادة ان قواه للعدو تحاول اقتحام احدي المواقع علي حدود الوطن ويدور قتال شرس علي الجبهة بين قوات اسود الوطن والعدو الغازي منذ يومين وقد كلفت وحدتهم بدعم المواقع والوحدات المقاتلة وصد وتدمير القوات الغازية سرعان ما تحركت العربات المحملة بالجنود تطوي الطريق في اتجاه الهدف تسابق الزمن فللزمن دور كبير في مثل هذه المواقف كما هو معروف كانت المسافة طويلة مما اضطر العربات للتوقف أكثر من مرة لأخذ قسط من الراحة والتفقد أخير لاحت في الأفق المواقع وسمع هدير المدافع وزغاريد الرشاشات وغناء البنادق فقد كان أشاوس الحدود يتصدون في بسالة منقطعة النظير للعدو صابين عليه حمما من الجحيم من أسلحتهم . طلب منهم النزول من العربات واستكمال باقي المسافة سيرا علي الإقدام في مجموعات صغيرة حتي لايكونوا هدف سهل لطيران أو مدفعية العدو وباعتباره كان الأقدم في مجموعته فقد كلف بقيادتها والقيادة كما هو معروف في مثل هذه المواقف عبا كبير وحمل ثقيل يتطلب سرعة بديهة وشجاعة وحكمة في التصرف لان المسؤولية تتعلق بأمن ألمجموعه وهي أمانة كبيرة . فرضت عليهم الطبيعة وما حوت من مرتفعات صغيرة وتباب وأوديه صعبة بالإضافة إلي الظلام الذي اخذ يلف المكان بسرعة السير في خط متعرج لتفادي بعض العوائق والعوارض التي واجهتهم ولم تنتبه المجموعة أنها اجتازت وحدة كبيرة للعدو من الجانب الأيسر بمسافة وبعمق يجعل من الصعب التراجع للخلف دون اكتشاف العدو لها أصبحت المجموعة في وضع حرج فقد يقوم العدو بتطويقها واسر جميع إفرادها أو إبادتها ولن تتمكن بقية القوات من مساعدتها لأنها أصبحت خلف خطوط العدو ومن الصعب نجدتها كان الظلام دامسا من ما زاد من رهبة الموقف قرر التضحية من اجل المجموعة فطلب منهم ان ينسحبوا للخلف في الوقت الذي سيهاجم فيه هو العدو بعد التسلل لداخل خطوط دفاعه مما سيربكه ويجعل انسحابهم سهل ولكن المجموعة رفضت نعم رفضت هذه الخطة أو الأمر وقرر الجميع إما الرجوع معا أو الهجوم عل العدو معا ولم يستطع ثنيهم عن ذلك رغم كل المحاولات التي بذلها كان الهجوم انتحار ولكن أحيانا الانتحار في مثل هذه المواقف مطلوب لان الهدف يستحق ذلك فتراب الوطن لا يمكن إلا ان يكون هو من يستحق مثل هذه البطولات النادرة كان الكل يردد كلنا فداء للوطن نحن لسنا جبناء ...لانخاف العدو...لانخاف الموت...لنسجل ملحمة للوطن يتغني بها الأحفاد....والأبناء ...نريد ان يذكر الجميع بأننا أثرنا الوطن عن أنفسنا ...وطننا في حاجة لنا فسنلبي حاجته .... كان بينهم شاب لم يتجاوز السادسة عشر من عمرة كان أكثرهم حماسا أتعرفون لماذا ؟.... لا ادري هل هو طموح وفورة الشباب وحب الوطن ؟ هل يريد إثبات وجوده بين الرجال ؟.... هل فقد أعزاء رحلوا عن الحياة يريد لقاؤهم و اللحاق بهم؟....ربما هذا.... وربما غيره لااعلم جلس الجميع تحت تبة كلسيه كانت توجد بجانبها شجيرة يتيمة تساقطت أوراقها من الجفاف اتفقوا علي ان لايقع أي منهم في الأسر وان يقاتل كل منهم حتي الاستشهاد لان الأسر ذل ومهانة وعار سيلحق بالمجموعة كتب احدهم ذلك في مذكرة وجدت في جيبه بعد ذلك قال:لقد قرانا الفاتحة واتفقنا علي التضحية والاستشهاد من اجل الوطن ونحن نهدي أرواحنا رخيصة حتي يبقي الوطن غالي لاتنسوا ذلك واذكروا ذلك للأجيال القادمة الوطن نحميه بأرواحنا وهي فداء لحريته وقد أطلقنا علي مجموعتنا اسم مجموعة} أرواحنا للوطن{ فلا تنسوا هذه ألمجموعه دونوا إعمالها في كتب التاريخ حتي تكون نبراسا تهتدي به الأجيال القادمة كان الظلام حالكا مما زاد في صعوبة الرؤيا والتحرك وتطلب الانتباه والحذر الشديد وبسرعة خاطفة وصيحة واحدة الله اكبر انقض أولئك الشباب الأشاوس علي العدو كانت كلمة الله اكبر تشق عنان السماء فتسمع من البعيد تتردد في السموات فترددها الملائكة معهم كانت كلمة الله اكبر ترتفع وتعلو فوق هدير المدافع وزغاريد الرشاشات وغناء البنادق كانت كلمة الله اكبر اكبر من العدو وأسلحته وعتاده استمر الاشتباك أكثر من ساعتين تم خلالها القضاء علي إعداد كثيرة من العدو نتيجة للمباغتة من قبل المقاتلين وارتباك قوات العدو وسقطت الأجساد الطاهرة مضرجة بالدماء يفوح منها رائحة المسك الملائكي حيث كانت الملائكة تستقبلهم بالتكبير والتهليل فكانت الابتسامة لاتفارق الشفاه وهم في النزع الأخير هكذا سطروا صفحة من صفحات الشرف والفداء وتركوا لأبنائهم وأهلهم ارث لايمكن ان يتركه أغنا أغنياء العالم رسموا الطريق للأجيال القادمة للوقوف ضد الظلم وسطروا سجلا يحمل بصمات ستبقي علي مر الزمن تنير الطريق وتضي الدروب لمن سيأتي من شرفاء بني البشر . وصل خبر استشهاده لأسرته يوم العيد فزغردة أمه وهي تحاول إخفاء دموعها عن حفيدها الذي تسال هل هذا عرس أبي فإجابته نعم يا بني وعلامات الحزن تعلو وجهها رغم محاولة إخفاء ذلك قالت... انا لله وانأ إليه راجعون... كانت الزوجة تشيح بوجهها كلما نظر إليها ابنها حتي لايرى دموعا تساقطت في صمت فوق خديها وفي أعماقها نداء لاتحزني فأنت زوجة شهيد كان والده يجلس في سكون رافعا يديه بدعاء في سريرته طالبا الرحمة والمغفرة لوحيده الذي اختاره الله مرددا لقد شرفني ربي بان أكون أب لبطل ... لشهيد....الحمد لله تأملت الجميع وانا أقف أراقب ذلك وتسالت هل ستذكر الأجيال القادمة شهداؤنا؟...هل سيذكرهم زملاؤهم ؟...هل سيذكر التاريخ أسمائهم؟....هل سيذكر الناس بطولاتهم ؟....هل ستكون تضحياتهم محل تقدير ؟...كيف نكون أوفياء لهم ؟...كيف نستطيع تكريمهم ؟...وأخيرا هل سيذكر الوطن أبناؤه الذين ضحوا من اجله ؟؟؟؟..... غادرت في صمت في انتظار قصة تضحية وفداء ووفاء أخرى ليست غريبة عنا و قد لأتكون بعيدة !!!!! قلمــ وتجارب الزمن ــــــــي و تحياتي للجميع السبت 31/10/2009 عيسى مسعود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق