إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 مايو 2012

الجزء الثالث من فئة ظلمها الوطن


كانت الساعة تقترب من التاسعه عندما توقفت العربه أمام بوابة المعسكر الذي كان يحتل احد أطراف المدينه في غابة كانت متنفس لها فتم  تحويلها الي معسكر وقد كانت الحراسه مشدده وبعد إجراءات أمنيه للتأكد من هوية الأفراد تقدم احد أفراد الحراسه ليفتح الباب وعندما شاهد المتكنتي قهقه قائلا....المتكنتي ...كيف حالك يا متكنتي...وحال جماعتك حيث انه لم يلقي نظرة علي الافراد بالعربه وتفاجاء بصوت سعيد كيف حالك تنشد عالـ متكنتي بس...وصاح به سعيد  وهو يضحك افتح الباب ...فقال متلعثما لم أراك يا سعيد...سالحق بكم الي الداخل بعد انتهاء فترة المناوبه وعرف ان هذه مجموعة المتكنتي تم ارجاعها وهو يعرفهم جميعا فهم بنفس التشكيل...الباين انكم تعبانين يا سعيد... وفتح الباب لتتوقف العربة امام قواطع المنامات ليقفز منها الجميع حاملا مهماته كانت الحجرات مفتوحة الأبواب ومحتوياتها مبعثرة دليلا علي ان احد عبث بها في غيابهم فقاموا بالبحث عن الموقد الكهربائي وكانت اسلاكه مقطوعه فقام سعيد بايصالها بسرعه ليوصله بالتيار فقد كانت الليلة بارده فهم في نهاية فبراير وقد منوا انفسهم في الطريق بحمام ساخن وليلة دافئه بجانب مدفاة الكهرباء التي اتضح انه تم سرقتها من قبل من قام بفتح الحجرة مع منظومة مرئية واواني للطبخ والشاي التي قاموا بدفع ثمنها من مرتباتهم وبهذا ضاعت منهم ليلة كانوا يمنون أنفسهم فيها بقليل من الدف والاستمتاع بمشاهدة احد المسلسلات بعد فترة طويله لم يشاهدوا فيها التلفاز ...ذهب احدهم للمطعم عله يجد ما يمكنهم تناوله وعاد والخيبة ترافقه فقد كان المطعم خاليا الا من بعض القطط التي دأبت عالي تناول عشاؤها في فترة متاخرة من الليل من الفضلات المتبقيه  وأخيرا تمكنوا بعد بحث في الحجرات المجاورة من الحصول علي أدوات الشاي وقاموا باظرام النار خارج المبني وتجمعوا حولها وتوافد بعض الزملاء محيين ومرحبين يسالون عن الأوضاع ...وما كان المسؤل اعلم من السائل...
حضراحد الضباط وابلغ مجموعة المتكنتي انه تم تكليفهم بحضيرة النار لدفن زميلهم احمد صباح الغد وعليهم تجهيز انفسهم والاستعداد عند الساعة العاشرة صباحا وغادر الضابط بعد ان تناول كاس شائ معهم واستمر وا في جلستهم وطال الحديث والسؤال عن وفاة احمد وكيف حدث ذلك تلك الليالي البارده وأصوات الرصاص وهدير المدافع وعن بعض المواقف المحزنه او ال طريفه الي ان سيطر سلطان النوم عل المآقي واصدر  أمره  للعقول بالتوقف عن التفكير فخلد الجميع للنوم وغادر أفراد الخفارة الي مواقعهم .
أطلت شمس يوم جديد وكان الجو مشمس علي غير عادة أيام فبراير وخلت السماء الا من بعض السحب الخفيفه المتفرقه وبوجه عام كان اليوم جميل دافي ...تناولوا قهوة الصباح ...اين المتكنتي ...لم يحضر المتكنتي علي غير عادته حيث كان ينهض قبل الجميع دائما اتجه عبود الي حجرته طرق الباب برفق فلم يجبه احد كرر الطرق علي الباب ونادي بصوت عال...انهض ...ياسر نوم...الجو دافي ...و لم يجبه احد عاد أدراجه الي رفاقه قائلا اعتقد انه نهض باكرا وهو يتجول داخل المعسكر لم يجبني رغم الطرق علي الباب والنداء وهنا انبري سعيد قائلا لا اعتقد ذلك لقد كان المتكنتي يشعر بالتذمر ولاحظت ذلك علي ملامحه خلال الأيام الماضيه وقد سمعته يردد أكثر من مرة انه سيهرب ...وكنت اعتقد انه يمزح ...هل يكون هرب ؟...لا...لا...ربما...ولما لا...لا...لا اعوذ بالله لايمكن ان يفعلها ...ربما...ولكن ...أريد ان أقول لكم ربما مات كما مات احمد ...الموت هذه الأيام أصبح يأتي بسرعه البرق...وبدون سابق انذرا...علينا التأكد من الحجرة واتجهوا الي الحجرة كان المتكنتي يقف وظهره للباب يرتب حاجياته فباغته الجميع بقهقهة افسدت عليه سكون الصباح جعلته يستدير فزعا واستغرب وقوفهم بالباب  وعندما سمع منهم ما حصل ضحك مل شدقيه قائلا...انا اهرب ...لا لا هذا اخر شئ يمكن ان أفكر فيه في حياتي...انتم لم تعرفوا المتكنتي بعد يارفاق...سامحكم الله ...اين القهوه...هل جهزتم انفسكم للسفر

الأحد، 19 فبراير 2012

االجزء الثاني من فئة ظلمها الوطن

بماذا تريدون ان يذكرنا هؤلاء
الجزء الثاني من فئة ظلمها الوطن
تحركت السيارة حاملة جثمان  الجندي احمد بينما وقف رفاقه يؤدون له تحية الوداع


واخذت العربة تنهب الطريق وهي تبتعد رويدا رويدا مخلفة خلفها غبار اثارته اطاراتها


فالطريق لم يكن معبد و كان يمتد متعرجا الي ان يبتلعه الافق .

ارتفعت الشمس قليلا وكانت ترسل باشعة حزينة كانها تشارك الجميع الحزن الذي خيم


علي المكان .

تهالك الجنود علي المقاعد المتناثرة هنا وهناك ونظراتهم تتابع العربة الجنائزية  وهي


تتابع طريقها عبر الدرب المتعرج وخيم الصمت علي الجميع ولف المكان السكون فقد


كانوا مرهقين نتيجة للبرد والحزن والسهر .

اختفت العربه خلف الافق بينما الجميع لم يستفق من هول الصدمه .

دب الدف قليلا في اوصالهم بعد ان زحفت الخيوط الذهبية عل بقايا ليلة شديدة البروده


كان رفيقهم احمد احد ضحاياها وجاء صوت المتكنتي  وهو يحاول اخفاء نبرة  الحزن


...ماتبوش تديرو غدا ...الدنيا مايدوم فيها شي...كانت نبرات الحزن واضحة في صوته رغم محاولته اخفاؤها وفوق خده كانت دمعة حزن تاخذ طريقها الي الارض اشاح بوجهه ورفع يده ليمسحها وترددت حشرجة حزن في حلقه سيطر عليها بالصمت فقد كان عليه ان يكون قويا امام البقيه خاصة وانه قائدهم وعلي القائد ان يكون قوي أمام مرؤوسيه .
ساد صمت قصير كأنه دهر ليقوم اثنان من الجنود ويدلفا الي الداخل وفي صمت أخذا يجهزان الوجبة الوحيدة المتوفرة من الارز لديهم منذ ان تم وضعهم في هذا المكان قبل حوالي العشرة ايام.
استمر البقية في أماكنهم وقد حطم الصمت احدهم ...أين هاتف احمد..قصدي هل عندكم


رقم احد أقاربه...ربما نجد رقم في هاتفه ..سأبحث عنه وهرول الي الداخل باحثا عن


الهاتف وعاد به ...اللعنه البطاريه فاضيه ..أين جهاز الشحن يا سعيد ...لم يجبه احد عاد


الي الداخل واحضر جهاز الشحن ...لاحول ولاقوة الا بالله لقد نسيت ان التيار الكهربائي


مقطوعه منذ يومين ...كان عبود يخاطب نفسه...  نسيت ان أخبركم ان عبود ليس اسمه


الحقيقي ولكنه لقب أطلقه عليه زملاؤه لكثرة ترديده لكلمة عبود

لقد تذكرت انني سجلت رقم شقيق احمد الصغير عندما زرت احمد  اثناء الاجازة السنة


الماضيه ربما يكون مازال موجود...هكذا جاء صوت سعيد

الذي قفز باحثا عن هاتفه ليجد ا ن به شرطة شحن لاباس نستطيع اجراء مكالمه اذا


كانت الشبكه غير مشغوله ...الحمدلله وجدت الرقم .....
092
لا أجابه الشبكه مشغوله اعاد المحاوله... الرقم المطلوب خارج... التغطيه الرقم


المطلوب.. مقفل ...كذب   كذب...عبود حاول ياسعيد مرة اخري اصعد الي السطح ربما


تجد تغطيه وصعد الي الاعلي وطلب الرقم من جديد وبعد عدة محاولات...يضبح الحمد


لله ...الو ...الو نسمع  فيك ضعيف ...اسمع يسلم عليكم احمد وايقوللكم ماتنشغلوش عني


ممكن نروح الاسبوع الجاي ...عبود مستغربا ماذا فعلت ياسعيد!!!! لم استطيع أبلاغهم


نعم لم استطيع يا عبود نقل الخبر... صدقني أصعب شي في هالدنيا نقل خبر الوفاة ؟؟!!! صه ...هل تسمع... صوت رماية ...؟؟



هبطا من السطح فطلب المتكنتي ان يحضر احدهم البنادق فصوت الرصاص اخذ يقترب


...احضر عبود البنادق قائلا بندقية احمد ليتنا سلمناها للضابط كانت البندقيه في يده نزع


المخزن للتفتيش عليها وكانت المفاجأة المخزن فارغ عدا طلقتين ... ..يا جماعه احد


منكم اخذ ذخيرة احمد وأجاب الجميع باستغراب بالنفي.. ولكن المخزن فارغ به طلقتين فقط
نجن لم نقم بالرمايه وكل منا استلم 30 اطلاقه اين وضع احمد ذخيرته رسمت علامات الاستفهام نفسها أمام هذا التساؤل واللغز المحير ؟؟؟؟؟!!!



وياتي صوت من الداخل ليطغي علي التساؤل الغذاء جاهز ياجماعه...الغذا واتي اللي


بيتغدي ...ويقفز الجميع من أماكنهم فقد أصبح الحكم للبطون الخاويه وفي هدو غير


معهود وصمت تناولوا غذاؤهم وكل منهم يفكر قد تكون أخر وجبة لهم معا!!!



لقد نسيت عليكم بتجهيز أمتعتكم ومعداتكم فقد ابلغني الضابط انه سيرسل لنا سيارة مساء


اليوم للعودة الي المعسكر هناك إعادة توزيع .....هكذا جاء صوت المتكنتي

اخذ الجميع في تجميع حاجياتهم وتجهيز معداتهم وأسلحتهم استعداد للعودة للمعسكر في


انتظار السيارة وقاموا بجمع مهمات زميلهم احمد  التي كان من بينها بطانيات وبندقية


الكلاشن بدون ذخيرة وهاتفه وصورة لوالدته وشقيقه الأصغر ورساله من خطيبته وبعض القصاصات التي كتبها بخط يده والتي يعبر فيها عن أماله وطموحاته  وأمانيه البسيطه فقد كان يهوي الكتابة ..
كان عبود قد سبق الجميع الي خارج المبني عندما صاح هناك سيارة قادمه ...هناك سيارة قادمه....
خرجوا يحملون أمتعتهم ووقفوا في انتظار وصول السيارة  التي ستعيدهم الي المعسكر
ولم تمضي ألا برهة حتي توقف السائق أمام المبني وترجل من السيارة  كان يبدو عليه الإجهاد والإعياء وملامح التعب والسهر بادية علي محياه فبادره سعيد ...تقول ليك سنه ما نمتش ...رد قائلا نعم لم انم منذ يومين فقد كنا ننقل الاسلحه والذخيرة ولاننام ألا ساعتين فقط ...
لم يسال احد عن المكان الذي تنقل إليه الاسلحه والذخيرة فقد كان أهم ما يشغل تفكيرهم


هو مصير جثمان احمد وهل علمت أسرته بموته ام لا

جلسوا فوق المهمات في السيارة عدا المتكنتي فقد ركب الي جانب السائق وانطلقت


العربة مغادرة المكان الذي تركوا فيه روح زميلهم احمد وفقدوا فيه احد و أول رفاقهم


واغرورقة أعين الجميع وهم يبتعدون عن المبني وروح احمد وطيف خياله يحاول


اللحاق بهم صائحا لاتتركوني وحدي يارفاق....لاتتركوني وحدي يارفاق.... لاتتركوني


وحدي يارفاق...اريد العودة معكم ...أريد أن أرى أمي ...ووالدي ...وأخي الصغير 


أرجوكم  ...وكان سعيد كأنه يرى تلك الروح ويسمع صوتها فاخذ يردد... لن نتركك يا


احمد ...لن نتركك يا احمد...سنعود قريبا ...سنلتقي من جديد يا احمد ...غدا


سننتصر...وتزهر الورود يا احمد...وتورق الأشجار من جديد ...سنلتقي الأحباب يا


احمد...غدا يا احمد سنحتفل بنصرنا معا ...غدا ترفرف السعادة وتنتهي الأحزان


...وتلتقي الأصحاب والخلان ...غدا يا اح...ولم يستطع أكمال العبارة فقد غمرته نوبة


بكاء فأجهش بصوت عالي...لفت ما يحصل نظر بقية رفاقه وجعلهم يتركون العنان



للمآقي لتجود وتذرف دمعا مدرارا في صمت وهم في ساعة ضعف ما كانوا يتوقعون ان


يجدوا أنفسهم فيها يوما ما فهاهم في أول مهمة لهم يفقدون احد رفاقهم... ما اقسي هذه


الحياة ...هذا احمد يرحل عنهم الي العالم المجهول في رحلة أبدية ...مالهذه الحياة تبدو


قاسية كبحر متلاطم الأمواج يغرق فيها الجميع حتي من يجيد السباحه ...وساد سكون


وصمت رهيب ولم يعد يسمع ألا صرير دواليب العربه وهدير محركها مزمجرا  في


رتابة يقطع صمت الحزن  وكأنه يتحدي مسافة الطريق

للقصة بقية
يتسالون عن مصير الوطن ومستقبلهم

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

فئة ظلمها الوطن

المكان ليبيا في احد المباني المطلة علي احد المدن الليبية العريقه والزمان اواخر فبراير 2011
لست بكاتب ولااجيد التعبير ولكن وجدت نفسي اتصور بعض المواقف لفئة من ابناء وطني اشعر انها ظلمت نتيجة لاسباب يضيق المجال عن ذكرها هنا رغم ما قدمته من تضحيات قد لايعرفها الكثيرون من ابناء وطني احاول ان انظر الي هذه الفئة من زاوية مغايرة  قد لاتعجب البعض ولكن هناك حقائق علينا القبول بها فالجيد والردي في كل الاماكن والطيب والخبيث كذلك  فالكون مبني علي المتناقضات سماء وارض بر وبحر صدق وكذب حق وباطل...الخ..........
فئة ظلمها الوطن  الاثنين 5/12/201
البرد شديد جدا في الخارج ..خذ معطف الصوف ..هكذا قال الجندي الذي كان  مناوب خارج المبني  لزميله بين ما كان يهم بالخروج لتولي فترة مناوبته   بين ما كان أربعة  جنود يغطون في نوم عميق مما يدل  علي شدة تعبهم  نتيجة للحياة القاسية التي يعيشونها وفي زاوية وضعت بها مدفأة كهربائية صغيرة جلس اثنان في مقتبل العمر يتبادلان أطراف الحديث  عن ذكريات طفولتهما  بينما جلس اكبر الجنود سنا وحيدا محدقا في السقف أحيانا مجيلا نظره فيمن حوله من الجنود مارا بنظره الي أكواب الشاي التي تبعثرت هنا وهناك بين فضلات السجائر  من جميع الماركات الردئيه  التي كانت تقدم لهم  كان المتكنتي وهذا اللقب الذي أطلقه عليه زملاؤه نتيجة لتصرفاته وقد طغي هذا اللقب علي اسمه الحقيقي حتي انه لم يعد يعرف إلا به بين أفراد وحدته  كان قد تخرج  قبل ثلاث سنوات برتبة ضابط صف عريف  بعد ان التحق بالثانوية العسكريه نتنيجة لعدم قدرته الاستمرار في الدراسه لرسوبه أكثر من مره لأسباب يضيق المجال لذكرها وان كان ولابد فنوجز بعضها  في الاتي:ضعف المنهج  والتغيير المستمر للمناهج.ضعف المدرسين .انتشار الفساد  .عدم الاستقرار .الارتجال في الخطط وغيرها كثير ......
كان يتمتم بجمل غير مفهومه تخرج منها بعض الكلمات الواضحه...غير معقول...الاطفال...لماذا...ما ذنبهم...كلمات وعبارات يستشف منها عدم رضاه عن ما يحصل  من أحداث وهو يحاول أقناع نفسه بها رغم عدم قدرته علي استيعاب ما يدور  حوله وما يقع من افعال
..ارتدي الجندي معطفه الصوفي بعد  تدثر ببعض الملابس القطنيه تحته وامتشق سلاحه والتفت لزميله قائلا في مرح ما رأيك  هل أبدو كجندي ألماني في سيبيريا 
رد زميله  في تهكم وهو يضحك بل تبدو كقائد الماني في شمال إفريقيا  هيا اذهب للحراسه وكن يقضا حتي لانؤخذ علي حين غرة من أمرنا  وضحك الاثنان بعد ان رد الجندي في تهكم حاضر سيدي ...وهرول خارجا  وهو يردد في مرح ناموا فان  ثعلب الصحراء رومل يحرسكم كان المرح يملا قلوب هؤلاء الجنود وكانوا يعتقدون أنهم يؤدون واجبهم تجاه الوطن
كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بقليل وكانت السماء ملبدة بالغيوم وهي ترسل رذاذا  يزيد من برودة الجو يجعل قشعريرة تسري في جسدك رغم ما ترتديه من ملابس وتشعر كانك تقف داخل مجمد تزداد برودته كلما اطلت البقاء فيه
لم تمضي الا بضع دقائق حتي دخل الجندي مسرعا وهو يردد  اعتقد انهم قادمون  لقد رايت بعض الانوار من ناحية الشمال  اقسم انني سمعت صوت عربات ياتي من تلك الناحيه واشار بيده ونسي انه داخل المبني   ودل ذلك علي ارتباكه وصدق اقواله .
صاح المتكنتي انهض....انهض  العدو يقترب ...هب الجميع  وتدافعوا للخارج بدون معاطف الصوف  توزعوا كل اثنان او ثلاثة معا حول المبني كان البرد قارس تزداد البرودة كلما تاخر الليل ويخيم علي المكان نوع من الرهبة نتيجة للسكون  والصمت الذي ساد ومرت فترة طويلة من الترقب والحذار وفجاة صوت ارتطام قطعة من الحديد بالارض ...امسك بندقيتك لماذا تركتها تقع...كان احمد اصغر الجنود سنا يرتجف من البرد وقد سقطت بندقيته من يده ...رد قائلا لم اعد استطيع الامكساك بها اشعر ان يداي تجمدت او شلت من البرد ..ياللهول لم اعد استطيع تحريك اصابعي ...لماذا ي...ا...رب ...لماذا يا ..رب ردد العبارة في تضرع وبصوت فيه نبرة الم وحزن ورنة توسل ورجاء .....
تجمدت دمعة كانت  تاخذ طريقها علي صفحة خده وتوقفت محاذية لشفتيه  لم يستطع تحريك يده لمسحها فاخرج لسانه محاولا فتح طريق لها عبر صفحة خده ليسمح لها بالسقوط فقد شعر انها تزيد من برودة خده رغم حرارتها ولكنه فشل في محاولته فقد كانت شفتاه متجمدة ايضا مما اعاق  لسانه من فتح ممر لتلك الدمعة رغم جميع المحاولات ...
كان زميله ينظر اليه مشدوها ويري عجزه وكانه قراء افكاره  فرفع يده وبكم قميصه مسح دمعة الحزن  التي تركت اثرها خط يمتد من العين الي مكان وصولها وكانها ابت قبل ان ترحل الا ان تترك اثرها ليكون شاهد عن اخر ما قامت به عيناه في هذه الحياة ....وقال له وهو يحاول ان يبث الطانينة في نفسه ...شدة وتزول....شدة وتزول تمالك نفسك....تحمل انت رجل ..وكان الرجال خلقوا ليحملوا المآسي والالام ويختزنوا الحزن والاسي ....
كان احمد يصغي لصوت زميله في صمت وهو يغيب عن الوعي رويدا رويد لينتقل الي عالم اخر لايمت للواقع الذي يعيشه بصلة ....هاهي امه   تقف امامه تناوله معطفه قائلة {الدنيا برد البس كبوطك....حطيتلك فطورك في جيب الشنطه....سقد لايفوتك الطابور ...هيا سلم وليدي } حاضر يامي ...حاضر... كانت اخر كلماته حاول النهوض ...استجابة لصوت امه واللحاق بالطابور!!!...ولكنه سقط علي الارض ملتحقا بالطابور... بالطابور ولكن ليس طابور المدرسه بل طابور اخر انه الطابور الذي سنلتحق به جميعا شئنا ام ابينا ..صاح زميله احمد مات...احمد مات...
تقافز الجنود من اماكنهم غير مصدقين تقدم بعضهم وبامر من المكنتي تم نقله الي داخل المبني وهم في ذهول مما حدث ...كيف مات...غير معقول...مش ممكن...جثي المكنتي بجانب احمد وهو ممدد وجس نبضه وبخبرته البسيطه ترك يد احمد تسقط علي الارض وقال لقد مات احمد....نعم مات ايها الرفاق...رحمه الله لم تتحقق أي امنية من امانيه في هذه الحياة ...رحمة الله
اغرورقت اعين الجميع  فاحمد كان اصغرهم سنا  واكثرهم حركة ونشاط لايمل العمل كثير المزاح محبوب من الجميع لاتفارق الابتسامة محياه امنياته  بسيطة جدا تتمثل في ان يسمع كلمات مثل ياوليدي من امه وكلمة خالي من ابنا شقيقاته وكلمة عمي من ابن شقيقه الاكبر نعم امنيته ان يسمع تلك الكلمات وتكون صادرة من صوة صادق وباحساس حقيقي وكان زملاؤه يعرفون ذلك فكانوا علي  سبيل المزاح ينادونه احيانا بي وليد او خالي او عمي او بوي  وكان يضحك مل شدقيه وهو يسمع من يكبره بسنوات يتاديه يا بوي ويقول  {كله باهي ألا بو اصغر من ابنه متجيش ...وكلمة وليدي ماهيش حلوه الا من فم الام...العم والخال مقبوله  }
كانت الشمس ارسلت بخيوط اشعتها الي السماء رغم ما يكتنف الجو من برودة وما يتخلله من شبورات مائية تعمل علي تعتيم الرويا  وتحد من امتداد النظر الي البعيد حيث تقبع مدينة ....قيل لهم انه تم احتلالها من قبل الأجنبي  واستولي عليها الأعداء والعصابات ألمسلحه
اقتربت الساعة من التاسعة صباحا عندما شوهدت سيارة الضابط المسؤل متجهة نحوهم حيث لم يكن لديهم وسيلة نقل فقد تم سحب وسائل النقل منهم بحجة انهم سيهربون اذا تركت لهم وسيلة نقل ولم تمضي الا بضع دقائق حتي وصل الضابط المسؤل وترجل من السيارة  وسال هل هناك أي  شئ جديد  رد المتكنتي لاجديد سيدي سوي وفاة الجندي احمد نتيجة للبرد الشديد !!!
القي الضابط نظرة علي الجثة المسجاة داخل المبني وطلب بهاتفه سيارة من المستشفي لنقلها وطلب منهم تسليمها للسائق الذي سيحضر بعد قليل وغادر المكان علي عجل فقد كانت هناك أصوات مدافع تأتي من بعيد دليلا علي ان هناك معارك تدور رحاها ألان ولم يدر بخلد احد من الجنود ان المعارك تدور بين الأخ وأخيه والأب وابنه والعم وابن أخيه والخال وأبناء أخته والصديق وصديقه
كان  الحزن يخيم علي وجوه الجميع لفقدانهم لرفيقهم بهذه السرعة وفي هذه الضروف العصيبه ولكن هذا لم ينسيهم واجبهم الذي يعتبر مقدس في نضرهم لانهم يدافعون عن الوطن والارض والعرض وكان واجبهم منع تقدم المسلحين الاجانب من هذا الاتجاه حتي لاتقع بقية القوات في فخ وتتعرض للحصار من المجموعات المسلحه التي تتكون من الاجانب والعصابات والمرتزقه  والمتشددين الاسلاميين من اتباع القاعده والحركات الدينيه التكفيريه حسب ما تم ابلاغهم به  من قبل قادتهم وقيل لهم ان هؤلاء يريدون الاستيلاء علي الحكم وثروات البلاد والسيطرة علي خيراتها والتحكم في اهلها وقتل سكانها فقد كانت النشرات تعمم عليهم تحمل مثل هذه الادعاءت مستغلة انقطاعهم عن اخبار العالم ومتابعة القنوات الاعلامية الحرة سواء بمنعهم من متابعتها او عدم وجود وقت لديهم لذلك
مرت ساعات قبل وصول الاسيارة التي ستقل جثمان احمد ليلتحق بالطابور حسب وصية امه ولكن ليس الطابور الذي تعنيه
للقصة بقية

عند ما يهزك الحنين للسنين

عند ما يهزك الحنين للسنين
***
غابت شمس أيامي
***
طغت عنها الدياجير
***
وأخفتها سنين الدهر خلف التل
***
ضاعت في ثنايا الدرب
***
وارتحلت تجاه الغرب
***
تاركة شقاء العمر في الوادي
***
وقد هدأت أعاصيري
***
وبين وهادها الكبرى
***
صحارى العمر في قلبي تواسيني
***
ليالي الدهر من ماضي تناجيني
***
وترسل لي إشارات
***

فتضحكني وتبكيني
***
واغفوا فوق أحزاني
***
وانسي كل الأمي وأشجاني
***
ودمع العين والآهات يكفيني
***
هناك هناك في أمس
وفي عهد القرابين
***
أرى الأيام قد ولت
***
وخلف جبال هذا العمر قد رحلت
***
أضاعت حلم أكسير وأنهته
***
أعدت الروح للماضي
***
فجاتني رسائلها تعزيني
***
لعبنا بين أتراب وأصحاب
***
جرينا خلف أفراد وأسراب
***
ونحن اليوم في الدنيا
***
نعيش العمر أغراب
***
واكتم كل أهاتي وعبراتي
***
فهل احد يواسيني
***
ويحمل بعض الأمي
ويهفو القلب للماضي
***
ويشدوا فوق أشجار البساتين
***
أرى الأزهار في وجد تناجيني
***
تحادثني تناديني
***
أقول وغصة في القلب تكويني
***
لقد افلت مصابيحي وجف الحبر فدعيني
***
غابت جل أحلامي
***
خفتها دورة الأيام والزمن
***
طغت عنها واخفت كل أريج الرياحين
***
رحيل ليس يعقبه
***
رجوع بعد أبحار ولا شطآن تاويني
***
ويبقي الزاد للنفس
***
وللعقل وللقلب وفي وسط الشرايين
***
حنين بين اظلعنا كجمر النار يكويني
***
يعيد رحيق ماضينا
***
هوا الأيام أكسيري
***
ويأس هز وجداني
***
يحرك كل آلامي وإحزاني
***
وذي الآهات والحسرات والعبرات تطويني
***
دعوني الآن في صمت
***
سأرحل لن أودعكم
***
ساترك كل أحلامي
***
وانسي كل أخطائي والأمي
***
سأهجع بعد إتعابي و أسقامي
***
أرى في أخر المشوار من عمري وأيامي
***
بان هناك من يدعوا ويطلبني يناديني
***
بان هناك رب قادر في رحاب جنته سياويني
***
ويغمرني برحمته
***
                                         ومن أحواض خير الناس يسقيني
                 قلمــــــــــــــــ15/5/2009ـــــــــــــــي